خيانة سمعان / 2 مكابيين 3 : 1 - 40

1 حين كانت أورشليم المدينة المقدسة عامرة آمنة تحفظ الشرائـع لما كان عليه أونيا الكاهن الأعظم من التقوى والبغض للشر

2 كان الملوك أنفسهم يعظمون الهيكل ويكرمونه بخير ما عندهم من العطايا

3 حتـى إن سلوقس ملك آسية كان يدفع من دخله الخاص جميع نفقات تقديم الذبائـح

4 ولكن رجلا اسمه سمعان من سبط بلجة كان وكيلا على شؤون الهيكل اختلف مع الكاهن الأعظم في أمر يتعلق بتنظيم المدينة

5 ولما لم يقدر أن يقنعه ذهب إلى أبلونيوس بن ترساوس حاكم بقاع سورية وفينيقية في ذلك الوقت

6 وأخبره أن خزانة الهيكل في أورشليم مليئة بالأموال الـتي لا تحصى وأن هذه الأموال تفوق بكثير تكاليف تقديم الذبائـح وأن بالإمكان وضعها كلـها تحت سلطة الملك 

هليودورس في أورشليم

7 فذهب أبلونيوس إلى الملك وأخبره بالأموال الـتي سمع بوجودها في الهيكل فما كان من الملك إلا أن استدعى هليودورس أمين خزينته وأمره أن يجلب له هذه الأموال

8 فقام هليودورس في الحال وقصد مدن سورية وفينيقية متظاهرا بأنه يقوم بجولة تفتيشية فيها بينما هو في الواقـع كان ينفذ إرادة الملك فلما

9 وصل إلى أورشليم واستقبله الكاهن الأعظم بحفاوة كشف له هليودورس حقيقة ما جاء لأجله وسأله إذا كان ما سمعه عن وجود المال في الهيكل صحيحا

10 فقال له الكاهن الأعظم إن المال ودائـع للأرامل واليتامى

11 وإن قسما منه لهركانوس بن طوبـيا أحد كبار الأعيان وإن ما وشى به سمعان المنافق لم يكن صحيحا فالمال كله أربعمائة قنطار فضة ومئتا قنطار ذهب

12 وعلى كل لا يجوز الإساءة إلى الـذين وثقوا بقداسة هذا المكان وبجلال هذا الهيكل الـذي يحترمه العالم كله

اضطراب في أورشليم

13 ولكن تنفيذا للأوامر الـتي صدرت إليه أصر هليودورس على وضع يده على الأموال ونقلها إلى خزانة الملك

14 وعين يوما لهذا الغرض ودخل الهيكل للتحقق من الأموال فعم المدينة اضطراب شديد

15 وانطرح الكهنة أمام المذبح بلباسهم الكهنوتي يتضرعون إلى االله الـذي قضى أن تصان الودائع لأصحابها

16 وكل من رأى وجه الكاهن الأعظم كان ينكسر قلبه لمنظره وشحوب لونه مما يكشف عما كان يعانيه من الاضطراب

17 فكان يرزح تحت ثقل الخوف والذعر بحيث بدا للعيان كم كان الحزن يملأ قلبه

18 وكان الناس يسرعون من بيوتهم للابتهال معا أن لا يتدنس الهيكل

19 وكانت النساء يزدحمن في الشوارع وهن يتزرن بالمسوح تحت أثدائهن والعذارى اللواتي لم يكن يسمح لهن بالخروج من البيوت يسارعن بعضهن إلى الأبواب وبعضهن إلى الأسوار وأخريات يتطلعن من النوافذ

20 وكن جميعا يرفعن أيديهن إلى السماء متضرعات

21 وكم كان يثير الشفقة رؤية الجموع من دون استثناء ساجدين على الأرض والكاهن الأعظم في اضطراب شديد 

الرب يحمي هيكله

22 وكانوا يتضرعون إلى الرب القدير أن يحفظ الودائـع سالمة لأصحابها

23 ولكن هليودورس استمر في تنفيذ مهمته

24 وما إن اقترب مع حراسه من خزانة الهيكل حتـى صنع رب الأرواح القادر على كل شيء عجيبة عظيمة صعقت جميع الـذين دخلوا مع هليودورس وسببت لهم الانحلال والرعب

25 ذلك أن حصانا ظهر وعليه راكب مخيف تحته سرج مزين أجمل زينة فوثب وضرب هليودورس بحوافره وبدت عدة الراكب من ذهب

26 وتراءى أيضا لهليودورس أن شابين في غاية القوة والجمال وحسن الهندام وقفا إلى جانبيه يجلدانه جلدا متواصلا

27 فسقط بغتة إلى الأرض فاقد الوعي فرفعه مرافقوه إلى حمالة

28 فإذا بمن دخل إلى الخزانة المذكورة منذ قليل في موكب حافل وحراس كثيرين يخرج منها محمولا وبلا قوة فظهرت للجميع قدرة االله الـذي

29 بقوته الإلهية جعل هليودورس مطروحا أبكم لا أمل له بالخلاص

30 أما اليهود فباركوا الرب الـذي بمعجزة منه أكرم الهيكل المقدس الـذي كان قبل قليل خوفا واضطرابا صار بعد ذلك بهجة وسرورا حين تجلى فيه الرب القدير

31 ثم أقبل بعض رجال هليودورس إلى أونيا الكاهن الأعظم والتمسوا منه أن يتضرع إلى العلي القدير لعله يمن على هليودورس بالحياة وهو على آخر رمق

32 فخطر ببال الكاهن الأعظم أن الملك ربما اتهم اليهود بمكيدة كادوها لهليودورس فقدم الذبـيحة من أجل خلاص الرجل

33 وبينما الكاهن الأعظم يقدم الذبـيحة عاد الشابان فظهرا لهليودورس بلباسهما السابق ووقفا إلى جانبه وقالا له عليك أن تشكر الكاهن الأعظم جزيل الشكر لأن الرب أنقذ حياتك إكراما له

34 وأنت ترى أن رب السماء هو الـذي عاقبك فأعلن للجميع عن قدرة االله الفائقة قالا هذا الكلام وغابا عن الأنظار 

هليودورس يعلن قدرة االله

35 وبعد أن قدم هليودورس ذبـيحة للرب ونذر له نذورا كثيرة لانه أنقذ حياته ودع الكاهن شاكرا ورجع بجيشه إلى الملك

36 وكان يشهد أمام الجميع بما رآه بعينيه من أعمال االله العظيم

37 ولما سأل الملك هليودورس من الرجل المناسب لنعود ونرسله إلى أورشليم؟أجابه هليودورس

38 أن كان لك عدو أو خائن في المملكة فأرسله إلى هناك فيرجـع إليك مجلودا هذا إذا نجا بحياته

39 فما من شك أن في ذلك المكان قدرة إلهية والـذي يسكن في السماء يحرسه ويحميه وكل من يحاول أن يمسه بأذى يضربه حتـى يهلكه

40 هذا ما كان من أمر هليودورس وخزانة الهيكل